مكة الطّاهرة.. أين تتحول القلوب التائهة الباحثة عن الإيمان واليقين.. في ظل ظلمةٍ أبعدتْ الأمة عن منابعها النقية!!
"يا الله ما أجلها من نعمة.. وبارئي أغبطكِ عليها كثيراً.." نطقتْ بها إحدى رفيقاتها.. ومحيّاها يتلألأ بشرًا وضياءً..
أحطْنَ بها سعيدات مبتهجات.. وكلّ منهن زوّدتها برسائل نافعة.. ودعوات رائدة وابتهالات صادقة.. لتتلوها هناك بأطهر وأسمى بقعة.. لتتلوها بعرفات صبحاً حتى المساء..
وفي ركن هادئ.. اقتربتْ من فتاة حائرة، تقلّب كفيّها ويعتصر الألم وجهها.. وضعتْ راحتها على كتفيها بسكينة وخشوع..
انثنتْ أمامها سائلة: "أفلكِ دعوةٌ أرتلها في مسلك النور حين تداعبني خيوط الشمس؟!.. أم رسالةٌ لمن تعلقتْ قلوبنا بمحبته.. واشتاقتْ أبصارنا وبصائرنا لجوارهِ وشفاعته.. أبلغه إيّاها بروضته الشريفة منبع الطهر والرحمات..؟!.. "
أطرقتْ رفيقتها هنيهة.. ثم ابتسمتْ برقّة وبِفِيهٍ منتعش.. رسمتْ على ثغرها ابتسامة أقربها للحزن منها للحبور..
"أبي كان يودّ زيارة المكانـ.. فيصعد عرفات داعياً ملبيّاً دعوة الجليل... وينزل مقبّلاً الحجر.. طائفاً بالبيت العتيق.. .. ..
لكنّهم قتلوهُ غيلة..
.. .. قتلوه..
وبقيتُ دونهُ وحيدة.."
وانتكست برأسها..
ثم انفجرت باكية، وكأنما أزلفت السماء بدموعها..
ثم أردفتْـ تقول: ها أنتِ ماضيةٌ لفريضة لا حدّ لها.. حيث منطلق النجاة.. وسيل الاستجابة..
فإذا كنتِ هناك.. وجنّ بكِ الليل أو صاح بكِ النّهار فارفعي بكفيك إلى من أمره بين الكاف والنون.. إلى مفرّج الكرب ورافع الغمة والظلمة عن المظلومين الحيارى..
واجعلي للعراق نصيبًا من دعاكِ..
فربّي سميعٌ مجيب..
يحلُ علينا أمناً بعد خوفـ!! ويغدقُ بأرضنا من آلائه وإكرامه.. ويحفّنا برحمات منه وسلام وسكينة بعد اضطرابٍ وفزعٍ..
فيا أحبتي..
لكل من مَنَّ عليه الجواد برحلة إلى أرض النقاء.. أن تلازم دعواتُه لإخوانه المظلومين ابتهالاته..
ولكلّ من جاور المقام الطاهر لحضرة المصطفى.. أن يقسم على الله فرجًا منه ينير به قلوب المؤمنين وتنشرح له صدور المكروبين..
ولكلّ من بات آمناً في سربه معافىً في جسده عنده قوت يومه.. أن يقسم على الرحمن فتحًا منيراً تجلو به الأبصار وتهتدي به الأفئدة..